تأملات في إبداعات الطبيعة

السبت، ٣٠ أبريل ٢٠١١

من أكثر المشاهد روعة وإبداع في عالمنا هى مشاهد الطبيعة المتنوعة والمتجانسة فلقد حبانا الله مجموعة من المشاهد الساحرة والتي دامت تخطفنا إلى عالم آخر من التأمل في ملكوت الله وبديع خلقه ودقة علمه.


كثيرا ما نتوقف أمام البحر لنتأمله ونغوص في بحور أخرى من الذكريات والطموحات وأحيانا تأخذنا الانهار ما بين مرتفعات ووديان الحياة وغالبا تطير أبصارنا متأملة النجوم في الفضاء اللامتناهي وتتعدد المشاهد التي نستشعر جمالها وبديع صنعها، و لرؤية أقصى الإبداع في أي كائن أو موجود أجدني أربط المشهد الإبداعي الماثل أمامي بالعلم الذي يشرح للعقل برهان إبداعه ومن هنا تتقافز أمامي الأفكار التي تحسم رقة الموقف التأملي وتبدأ معي رحلة من نوع آخر أتصفح فيها الكتب وأحتسي فيها العديد من أكواب الشاي وفي قصتنا هذه بدأت رحلة الحسم معي بكلمة واحدة إنها


الموائع ! أو الـ fluids


أرى منكم من يتأهب للرحيل و لكم العذر في هذا لأنني حين نطقتها في الواقع فر قطي العزيز هاربًا من جانبي ناظرا لي بعتاب شديد وكأنني أسأت قولا، ولكنني أعدكم أنه ما سيأتي بعد ليس إلا استكمال المشهد الإبداعي الذي عشناه سويا فتعالوا نقرأ السطور القادمة و نرى سويا كيف سترينا الموائع الإبداع.

كيف تصف كلمة مائع كل المشاهد التي سبق ذكرها من ماء جاري لنجم ساطع لصاعقة تدوي؟


لنتعرف أولا على المائع،

المائع هو المادة التي ليس لها شكل معين بل تأخذ شكل الوعاء الحاوي لها وتتميز بقدرتها على الانسياب ولهذا فإن التعبير يشمل حالتي السوائل والغازات و ليس كما كنا نتخيل أن كلمة مائع تعني كل سائل فقط بل أيضًا تعني غاز.


نعلم أن المادة توجد في الطبيعة بحالات منها الحالة الصلبة والحالة السائلة والحالة الغازية (و سنكتشف لاحقا حالة رابعة وهناك أيضًاحالة خامسة تدعى *كثافة بوز اينشتاين)، في حالة الصلابة تحتفظ المادة بشكل ثابت بعكس المادة في الحالة السائلة والحالة الغازية، فما السبب في ذلك؟


قوى التماسك بين جزيئات المادة الصلبة تكون كبيرة، لدرجة أنه ليس من السهل مغادرة مواضعها، في حين أنه في الحالة السائلة تكون قوى التماسك بين جزيئات المادة ضعيفة نسبيا بحيث تسمح لجزيئات المادة بالحركة داخلها، أما في الحالة الغازية فتكاد قوى التماسك بين جزيئات المادة أن تكون معدومة، لذلك لا يكون للمادة في الحالة السائلة والحالة الغازية شكل ثابت ؛ بل يعتمد شكلها على شكل الوعاء الذي توجد فيه.


وبهذا الترابط الضعيف بين جزيئات السوائل و الترابط شبه المنعدم بين جزيئات الغازات، يكونا أكثر قابلية للاستجابة لتأثير القوى الخارجية عليها والتي تحاول تغيير شكلها، أيضا السوائل والغازات تؤثر بقوى عمودية على أسطح الأوعية الحاوية لها بحيث أنها إذا وجدت منفذاً فيها تنساب وتجري خارجه و من هنا سميت السوائل والغازات بـــــ"الموائع".


حسنا، علمنا أن مياه البحار والانهار وهواء السماء والأرض يطلق عليهم موائع ويتصفوا بالخواص السابق ذكرها إذن أين النجوم والصواعق والشفق القطبي من الموائع؟


توجد حالة رابعة للمادة تندرج تحت قائمة الموائع، و يطلق عليها اسم البلازما.

وفي هذه الحالة، تفقد ذرات المادة بعض إلكتروناتها بسبب درجات الحرارة الشديدة، وعندها تصبح المادة مزيجاً من الأيونات، والإلكترونات، وجزيئات متعادلة، إضافة إلى الإشعاع الكهرومغناطيسي (أو الفوتونات).


ويعتقد أن أكثر من 99% من المادة في الكون المحيط بنا توجد في حالة البلازما ؛ فكل النجوم الساطعة بما فيها الشمس أمثلة على هذه الحالة، وعلى الرغم أن معظم المادة الأرضية كما نرى ليست بلازما فإن أمثلة عديدة من البلازما موجودة في الطبيعة فهي متمثلة في الصواعق (البرق) واللهب، والشفق القطبي وسديم المجرات و أيضا توجد في بعض الأجهزة الصناعية من مصابيح التفريغ الغازي (النيون) وأبحاث الاندماج النووي وشاشات البلازما.


هكذا أصبحت لدينا قائمة لا بأس بها من المواد التي تتضمنها الموائع، ولكن قبل أن أضع نقطة نهاية هذه القائمة تذكرت أن هناك شيء يضاف لهذه القائمة أيضًا ألا وهي المواد اللدنة أو كما يطلقون عليها الأصلاب اللدنة وهى مواد صلبة تتمتع بخاصية اللدونة فهي مواد يتغير شكلها بالتأثير عليها بقوة خارجية ولا تعود بعد زوال القوة المؤثرة إلي حالتها الطبيعية، ومن أمثلتها التربة أو الطين وبالتالي فهي تندرج تحت قائمة الموائع.


والآن وبعد أن تعرفنا على الموائع وخواصها الأساسية حولنا في ملكوت الله ، هيا لنقوم بدراسة هذا الإبداع الدقيق عن كثب، لنتعرف على سلوك الموائع في الطبيعة وفي شتى مجالات حياتنا، كيف تتحرك؟، أي قوانين تخضع لها ؟ كيف تفسر العديد من الظواهر؟


وهذا ما سنقرأه سويًا في مقالة قادمة بمشيئة الله، وحتى ألقاكم دمتم في حفظ الله

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.




*كثافة بوز اينشتاين الغازية: هى حالة جديدة للمادة عند درجات حرارة هي الأبرد في الكون...للمزيد.

2 comments:

E. Fekry يقول...

ممممم.. موضوع الموائع جميل حقًا.

ولكن هناك عدة نقاط بحاجة للتوضيح.. معنى البلازما وماهيتها؟؟

ونقطة اللدائن الصلبة أيضًا بحاجة لمزيد من التفصيل لأنني حقيقة غير مقتنعة بالمثال !

وبانتظار الجزء الثاني بإذن الله..

Nur Hassan يقول...

مقالة جيدة، فى أنتظار المقالة القادمة

إرسال تعليق