ومن هنا يطرح السؤال نفسه
هل يمكننا التنقل عبر الزمن؟
عودة إلى الماضى ؟
أو ذهابًا إلى المستقبل ؟
أسئلة إجتهد الخيال العلمي محاولًا تقديم إجابة مقنعه عنها لكنها في نفس الوقت لم تغيب عن دائرة اهتمامات البحث العلمى.
عبر الزمن أريد الإنتقال !!
الزمن!
ماهو الزمن ؟
يمثل الزمن بالنسبة لي ولكم ولكل إنسان عادي اختلاف التوقيت نتيجة تعاقب الليل والنهار، نتعامل مع الزمن فقط من خلال أمس واليوم والغد، بينما يمثل الزمن عند العلماء مفهوم آخر.
هنا بدأت الكتب تبوح لى بأسرارها وتخرج أفضل ما عندها لأفهم كما شئت وتسطر أناملي الكلام العلمى الجاف وأبوح بما باحت لي الكتب عن مفهوم الزمن عند العلماء وكيف تطور التعامل مع مفهوم الزمن خلال رحلة تطور العلم.
الزمن بمفهوم إسحق نيوتن أنه زمان مطلق حقيقي ينساب من تلقاء نفسه بإطراد دون علاقة بأي مؤثرات خارجية، ويطلق عليه اسم “الديمومة”، وحقيقة نجحت نظرة نيوتن للكون ذي الزمان والمكان المطلقين في تفسير نسبة كبيرة من الظواهر الكونية، ولكن مع تقدم العلم ظهرت العديد من الظواهر التي شككت في الصحة المطلقة لنظرة لنيوتن.
وبعد ذلك بأعوام جاءت النسبية العامة لتغير نظرتنا إلى الكون, فالمكان والزمان ليسا أساسا ثابتًا للأحداث، بل أنهما مساهمان فى حركة الكون؛ والفكرة فيها هي ضم بعد الزمان إلى أبعاد المكان الثلاثة ليتشكل ما يسمى بـ الزمكان، وتضيف النسبية العامة تأثير الجاذبية بطرح الآتى: أن توزيع المادة والطاقة في الكون يحني الزمكان بحيث أنه لا يكون مسطحا، وعندما ينحنى الزمكان فإن مسارات الأجسام تظهر منحنية، وتتحرك كما لو كانت متأثرة بمجال جاذب، فإذا تصورنا فضاء رباعي الأبعاد له ثلاثة أبعاد تمثل المكان وبعدًا رابعًا للزمان ورسمنا خط الحركة المنحنية للجسم مع تباطؤ الزمن على المحور الرابع, ظهر لنا الزمكان منحنيا بتأثير الكتلة الجاذبة وتضيف النظرية أن الزمن الخاص بالجسم الذى هو معدل تغيره يكون أبطأ إذا تحرك بسرعة كبيرة أو إذا تعرض لمجال جاذبية قوي.
وفى تجربه أخرى وضعوا ساعة هيدروجينية في صاروخ وصل إلى ارتفاع عشرة آلاف كيلومتر عن سطح الأرض، حيث أصبحت الساعة على الصاروخ في مجال جاذبية أضعف، والساعة الهيدروجينية الحديثة تعمل بدقة يعادل فيها الخطأ ثانية واحدة في كل ثلاثة ملايين سنة، وقاموا بمقارنة إشارات الساعة على الصاروخ بالساعات على الأرض، فوجدوا أن الساعة على الأرض أبطأ من التى على الصاروخ بحوالي أربعة ونصف جزء من عشرة آلاف مليون من الثانية، بما يتفق مع فرضيات النسبية العامة بدقة.
ومن هنا نجد أن هذه القياسات تثبت ظاهرة تمدد الزمن, والتي تعد من أهم مبادئ النظرية النسبية.
فمن التجربة الأولى اثبتت أنه كلما ازدادت سرعة الجسم تمدد الزمن , أما التجربة الثانية فأثبتت أنه إذا تعرض الجسم لمجال جاذبية قوي يتمدد الزمن؛ وتمدد الزمن هو تمدد فعلى في الزمن الذي نعيشه، ولتبسيط فكرة تمدد الزمن تعالوا نستعرض مفارقة التوأم والتي تنص على الآتي: لو زادت سرعة إنسان ما مقتربة من سرعة الضوء وليكن في سفينة فضاء مثلا و سافر على السفينة لمدة عشرة أعوام ثم عاد للأرض فسيجد أن أخيه التوأم يكبره بعشرة أعوام أي أن الزمن بطؤ لديه بمعدل خمسين بالمائة، وحقيقة تكمن المفارقة الحقيقية للتوأم في أن كلاهما يعتقد بأن الآخر هو من سيكبر في السن لأن كل منهما كان يرى الآخر يتحرك مبتعدًا بسرعة قريبة من سرعة الضوء.
والآن بما أن السفر بسرعة تقترب من سرعة الضوء هو أمر قد يمكن فيزيائيا وتكنولوجيا، فقد اقترح أحد العلماء تصميم سفينة فضائية تعتمد على محرك دمج نووي يستخدم المادة المنتشرة في الفضاء كوقود، وأن يتم التسارع بمعدل هو نفس معدل التسارع على الكرة الأرضية، أى أنه يمكن من تصميم كهذا أن تصل سرعة السفينة إلى سرعة قريبة من سرعة الضوء خلال عام واحد، وبالتالي يبطؤ الزمن إلى حد كبير، و يتوقع وصول التكنولوجيا في المستقبل إلى بناء مثل هذه السفينة فى ظل التطور المستمر فى التكنولوجيا حاليًا، وبناء على ذلك بدأ مجموعة من العلماء البحث فى كيفية الوصول الى تقنية تسمح ببناء آلة للسفر في الزمان.
إن الزمن هو التغير، والسبب في الشعور بانسيابية الزمن هو الانتظام الظاهر لنا في صورة انتظام الحركة، ويكون مقياس الزمن لجسم ما هو معدل تغيره منسوبا لتغير جسم آخر منتظم.
ومن هنا بما إن الزمن لا يتمتع لدينا بأي وجود مستقل لا في الماضي ولا في المستقبل، فيتخذ معنى السفر عبر الزمن معنى مجازى، فنحن نسافر الى المستقبل بمعدل يوم واحد كل يوم، وإذا سافرنا بسرعه أكبر يبطؤ معدل السفر ويتمدد الزمن، أما بالمعنى الحقيقى العملى فنحن لا يمكننا السفر في الزمان عائدين إلى الماضي أو ذاهبين إلى المستقبل.
هنا يبقى الخيال العلمى هو عزائى الوحيد لعجزى عن تلبية نداء عقلى الباطن، وتظل عينى متأمله اللوحات والصور القديمة ليبحر عقلى عبر الزمن ذهابًا وإيابًا بين ذكرى وحلم....
فلقد كشفت آخر التجارب في معجل الإلكترونات "سيرن" بسويسرا عن احتمالية تجاوز سرعة الجسيم الأولي النيترينو لسرعة الضوء والتي هي سقف السرعات حتى الآن وحتي تثبت صحة التجربة من خطأها !!! فهل إذا كان الزمن يتباطأ ببلوغ سرعة تقترب من سرعة الضوء، فماذا يا تري سيحدث لو أثبت وجود سرعة تتجاوز سرعة الضوء؟؟ وماذا لو لم تثبت صحة التجربة، هل سيظهر الجديد في العلم مرة أخرى بحيث يطور نظرتنا للزمن وغيره من المفاهيم أم لا؟؟